تعرف على الفرق بين السور المكية والسور المدنية ؟
إن الآيات المكية، وفقًا لتصنيف العلماء، هي الآيات التي أنزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- في مكة المكرمة قبل هجرته إلى المدينة المنورة. وسواء نزلت تلك الآيات في مكة أو في مدينة أخرى، فالمعيار الحاسم لتحديد الآيات المكية هو الزمان، وتحديدًا الفترة قبل الهجرة النبوية، بدلًا من المكان الذي نزلت فيه تلك الآيات. أما الآيات المدنية، فهي الآيات التي نزلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد هجرته إلى المدينة المنورة، سواء نزلت تلك الآيات في مكة أو في المدينة أو في أي مكان آخر. والمعيار هنا هو الزمان، وليس المكان أو صيغ الآيات. فعلى سبيل المثال، يُعتبر بداية سورة الأنفال، التي نزلت في غزوة بدر، من الآيات المدنية.
يتم التفريق بين القرآن المكي والمدني من خلال بعض الخصائص. في الآيات المكية، استخدم الله تعالى أسلوبًا قويًا ومتشددًا في التخاطب مع الناس، لأنها كانت تُوجه بشكل رئيسي إلى المشركين والمعارضين لرسالة النبي -صلى الله عليه وسلم-. أما في الآيات المدنية، فكان أسلوبها أكثر سهولة ويسرًا، حيث كانت تُوجه بشكل أساسي إلى المسلمين الذين انضموا إلى الإسلام وتوجهت قلوبهم إلى الله تعالى.
وتتميز الآيات المكية بقصرها وبتقديم الحجج والبراهين المنطقية لإقناع المشركين. أما الآيات المدنية، فتكون طويلة وتركز على ذكر الأحكام والتعاليم بدون تقديم حجج؛ حيث تخاطب الناس الذين انضموا إلى الإسلام وترتبط قلوبهم بالإيمان والإسلام.
وتسلط الآيات المكية الضوء على ترسيخ العقيدة وتوحيد الله تعالى، وذلك لأن الناس المستهدفين بالخطاب كانوا يشركون بالله. لذا، كانت هذه الآيات تهدف إلى تأكيد وترسيخ العقيدة وتوحيد الله تعالى. أما الآيات المدنية، فكان التركيز فيها على تفصيل العبادات والمعاملات والجهاد ومنافعه وأجره. وذلك لأن المسلمين في تلك الفترة كانوا ينشرون الإسلام في مختلف أنحاء الأرض.
أما سجدات التلاوة، فلم ترد إلا في السور المكية.
للتمييز بين السور المكية والمدنية، يمكن الاعتماد على الروايات التي نقلها الصحابة -رضوان الله عليهم-، إذ كانوا يشهدون نزول القرآن ويعرفون توقيته وظروفه. كما يمكن استخدام اجتهاد العلماء، ولكن بشرط أن يكون ذلك مستندًا إلى المعايير الشرعية والعقلية.